مجموعة الروائع المملوكية والإلخانية

يقدم إديتسـيو إليكتروم وهو اسـتديو التصميم التابع لجمعية المكنز الإسـلامي مجموعة الروائع المملوكية والإلخانية، هي مجموعة من المطبوعات المكونة من اثنتي عشرة صفحة مزدوجة لصفحات مختارة من أجمل مخطوطات القرآن القديمة، والمحفوظة في دار الكتب بالقاهرة. وجدير بالذكر أن الاثنتي عشرة لوحة التي أنجزها استوديو إديتسيو إلكتروم هي طبعة محدودة من مائتين وخمس وعشرين نسخة، مطروحة للبيع في شكل مجموعة خاصة كاملة، ذات تغليف فاخر أو أزواج منفردة

يقال إن التراث هو النَّسخ، فتلاميذ الفنون التراثية في شتى أرجاء العالم يتدربون من خلال محاكاة أساتذتهم في كثير من الأحيان عن طريق محاولة نَسخ أعمال الأستاذ مباشرة. وفي حين أننا نعيش في زمن النَّسخ الآلي والاتصال الجماهيري، وقد تعودنا على الصور المنسوخة أكثر مما اعتاد أسلافنا، إلا أن ثمة اعتبارات أبعد فيما يتصل بنسخ أعمال التراث، فالنسخة التراثية ليست آلية ولا عمياء؛ إذ إن من الضروري أن تستمد النسخة من الفهم الواعي للأصل المنسوخ. فدرجة فهم التلميذ وإعادة استخدامه للغة البصرية الخاصة بالعمل الفني هو ما يجعل محاولاته مؤهلة للنجاح. والحقيقة أن النُّسخ التي قد تبدو بعيدة كل البعد عن الدقة في بعض المواضع تكون أفضل من النُّسخ التي تبدو -من وجهة نظرنا على الأقل- أكثر دقة؛ فهي "تقول" الشيء نفسه مثل الأصل، فهي بالأحرى كالقصيدة التي تُقرأ بصوتين مختلفين، غير أنها تظل هي ذاتها دائمًا. وهكذا نجد أن المستنسخات الاثنتي عشرة التي أنجزها استوديو إديتسيو إلكتروم ليست مجرد نُسخ فوتوغرافية أو آلية تنقل كافة تفاصيل العمل الأصلي؛ ولكنها أُنشئت برمتها يدويًّا بوسائل النَّسخ الرقمية، فهي تجسد الفكرة وراء التصميمات أو النُّسخ الأصلية، ولكن على وسط جديد. ومن هذا المنطلق، فهي تعد أقرب إلى النُّسخ الأفلاطونية عنها من الصور طبق الأصل.

وقد أشار صاحب السـمو الملكي أمير ويلز إلى العدد الكبير من النُّسخ الفوتوغرافية الجميلة الواردة بين طيات الكتاب الأخير للشيخ أبي بكر سراج الدين "روائع فن الخط والتذهيب القرآني"، معربًا عن أمله ( ... في أن تُسهِم هذه اللوحات في إحياء فن تذهيب المقدسات، كي يصاحب مرة أخرى فن الخط القرآني...). وهكذا يهدف استوديو إديتسيو إلكتروم -انطلاقًا من هذه الروح- إلى إحياء هذا الفن الأصيل المتمثل في زخرفة الكتب الإسلامية، وعلى رأسها فن تذهيب القرآن الكريم. وتماشيًا مع شعار استوديو إديتسيو إلكتروم "رؤية قديمة، وتقنية حديثة"؛ لم تقتصر جهود فريق العمل على فك شفرة اللغة البصرية في النُّسخ الأصلية القديمة وفهمها فحسب؛ ولكنه طوَّر أيضًا تقنيات أحدث في مجال التصميم الرقمي والطباعة؛ لكي يعبر بوضوح عن تلك اللغة باستخدام وسيط حديث ومشوق. وقد استفادت العناصر الهندسية في التصميمات على وجه التحديد من تحررها من قيود الورق والفرشاة اللذين يمثلان أدوات الفنان القديم؛ فأعيدت صياغتها باستخدام برنامج CAD، الذي أضفى عليها دقة لم تتوافر في المخطوطات القديمة.

وقد تولت مطابع يون آرت برنتنج Yon Art Printing في كوريا طباعة اللوحات بتقنيات الأوفست وأحبار الليثوجراف عالية الجودة، وذهب عيار 23.5 قيراط، على ورق آرشز المصنَّع من ألياف قطنية 100 % للألوان المائية. وأما فيما يخص الذهب، فقد طُبعت طبقة رقيقة من الغراء باستخدام تقنية الطباعة الحريرية، ثم وضعت ورقة الذهب بعناية يدويًّا على الغراء. وقد طُبعت الألوان الأخرى عن طريق الطباعة الليثوغرافية «الأوفست» اعتمادًا على الألوان الصافية دون استخدام مزيج السيان والماجنتا والأصفر والأسود المستخدم في الطباعة الملونة العادية، علمًا بأنه قد استخدم في بعض النُّسخ ما قد يصل إلى 14 عملية فصل منفردة للألوان. وقد كانت خبرات "يون آرت برنتنج" وتجاربها عاملًا أساسيًّا في نجاح المشروع، بالإضافة إلى أن التزامها الثابت بقيم جودة الطباعة، واهتمامها الشديد بتفاصيل هذه المطبوعات الاثنتي عشرة أكسبها تفردًا في عالم الطباعة.

ونأمل أن تُلهِم هذه اللوحات كل مَن يشاهدها، وأن تذكرنا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام

‘إن الله جميل يحب الجمال’